responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 423
وقال قوم: إنها نزلت حين ذبح بعض المسلمين أضحيتهم قبل رسول الله. واستدلّ هؤلاء بما رواه عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن: أن أناسا ذبحوا قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر، فأمرهم عليه الصلاة والسلام أن يعيدوا ذبائحهم، فأنزل الله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) [1] قالوا: ومن هؤلاء الذين ذبحوا: أبو بردة بن نيار.
وقال آخرون: إنها نزلت حين توالت وفود العرب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأكثروا من مسألته قبل أن يكون هو البادئ بالكلام، فنهاهم الله عن ذلك حتى يبدأهم صلى الله عليه وسلم بما يريد من الأحكام.
وقال غيرهم: إنّ أناسا كانوا يتعجّلون، فيقولون: لو أنزل الله فى كذا لكان كذا، فنهاهم الله عن هذا التمنى بهذه الآية [2]. وروى ابن جرير هذا عن قتادة وغيره.
وفى سبب النزول أقوال أخر لا تخرج عن مثل ما ذكرنا، ولا نخرج عن القصد من هذه المدارسة بسردها، وحسبك ما تقدم.

[ترجيح بين الأقوال]
أعتقد أنه ليس ما يمنع من إرادة هذه المعانى جميعا، فكلّها لا تخرج عن مقصد واحد هو: الانتظار حتى يكون الرسول صلى الله عليه وسلم البادئ بالكلام وبالسؤال، وبإيراد الأحكام وبتأويلها وهكذا.
وعلى ذلك يكون معنى الآيات الكريمة- والله أعلم بمراده-: يا أيها الذين آمنتم وصدّقتم بمحمد ورسالته، واعتقدتم دينه وعقيدته: أجلّوا قدر هذه المهمة العظمى فى شخصه الكريم، وتأدّبوا معه الأدب السّامى العالى، فلا تكونوا بادئيه بشيء حتى يتقدّم إليكم فيه بأمر، ولا ترفعوا أصواتكم فى حضرته كما يرفع أحدكم صوته فى حضرة أخيه، ولا تنادوه بما ينادى به بعضكم بعضا، بل نادوه نداء يشعر بالتعظيم والتكريم، والإجلال والاحترام، حتى لا تكون غفلتكم عن تقديس هذه المنزلة سببا فى تقصيركم ومؤاخذتكم بما يزيد على طاعتكم، فيبطل ثوابها ويربى على جزائها فتهلكون وأنتم لا تشعرون. فإن

[1] انظر: تفسير الطبرى (11/ 378) وتفسير الحسن (2/ 295) والدر المنثور (6/ 85).
[2] انظر: تفسير عبد الرزاق (2/ 230) والطبرى (11/ 377).
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 423
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست